في زمنٍ أصبَح فيهِ الحيَاء يُدرَّس .. لا يُدرِّسْ !
هُنا صحّ لنا المقام أن ننقذ بقايا الحياء في هذهِ الأمَّة !
[ 1 ]
جلسَتْ أسْماء بنتُ عُميسْ تخاطب فاطمة .. وتكلمها وتحادثها عن أحداثٍ حصَلت عليهم في الحبشة .. وأنهم ذهبوا إلى النجاشيّ وزاروه , وأقبل في الحبشة وكان معنا في الطريق كذا وكذا , وذهبنا إلى ذيت وذيت ..
ثُمّ فجأة إذ بفاطمة سارحة الذهن شاردة البال , قالت لها أسماء :
يا فاطمة ما لي أحادثكِ ولا تردّين عليّ .؟
فانتبهت إليها فاطمة وقالت : عُذراً يا أسماء , ولكني كنت أفكر في نفسي ..
غداً إذا أنا مُتّ والله إني لأستحي أن يطرح فوقي ثوبٌ على النعش وأخرجُ عندَ الرّجال في وضَح النهار ...!
وتقولُ لعليّ : ناشدتُكَ الله إني إذا مُتّ تدفنني ليلاً ..
قال عليّ : ولماذا يا فاطمة ؟
أجابت : أتريد أن أخرج عند الرجال في وضحِ النهار ؟
لله درّها .. تستحي وهيَ ميتة.. فما بالُ الأحياء لا يستحيون ؟
يقول ابن القيم معلّقاً : وهذا حياء النفوس الشريفة .. التي وَ كأنّ لصاحبها نفسان ؛ يستحي بواحدة من الأخرى .
بينمَا في الوجه الآخر !
تِلكَ الفتاة التي انتَصَبَت كالمُهرِّج أمامَ جمعٍ غفيرٍ من الرجال الذين انسلَخ منهم الحيَاء كانسلاخ جلد الثعبان من جسدها .. تقفُ تلك كاسيةٌ عارية .. تلوّح بيديها وتهزّ ( خصرها ) .. وتطلق العنان لحبالها الصوتيّة بالغناء على كلماتْ الغزَل وَ الحب ( النصّاب ) , وتُرسِل ( قُبَلاً ع الطاير ) إلى ذيّاك الجمهور الشاخص أمامها !
وإن سُئلَت : ألا تستحين ؟
لأجابت بغباء : من إيش ؟
.
.
نَبْضَة :
يقول الإمام الشافعيّ رحمهُ الله : ألا تسْتَحْيُون ؛ مِنْ طولِ ما لا تستحيون ؟